'رام الله' صوت فتح - 'رام الله تصطاد الغيم'، الإصدار الأخير للكاتب الدكتور حسن عبد الله، الذي سلط الضوء من خلاله على رام الله الحاضر والماضي، في إطار رصد المتغيرات التي طرأت على واقع المدينة في السنوات الأخيرة.
الكتاب الذي صدر بالتعاون بين مؤسسة زهرة المدائن ومركز المشرق للدراسات، هو الإصدار السادس عشر للكاتب، لكن ما ميّز هذا الإصدار المزيج بين الرصد الحي و'الفانتازيا'؛ خاصة ذلك اللقاء بين الكاتب والشاعر محمود درويش على أرض رام الله، والذي خصص له الكاتب خمسين صفحة من الكتاب.
وتعامل الكاتب مع الشاعر الكبير محمود درويش وكأنه حي يسكن على قمة أحد مرتفعات رام الله، يرقب المدينة، ويتفاعل معها، يقرأ الشعر، ويراجع بعض النصوص القديمة، ينقحها، ويضيف عليها.
يعيش محمود درويش ليل رام الله بكل تفاصيله، حيث عبر الكاتب عن ذلك بلغة حية رشيقة (....رام الله تنام أو لا تنام، وأنت مشرئب العنق، لا تضيع شاردة ولا واردة دون أن تلتقطها في ليل المدينة الواضح، ليلها شديد الغموض).
ومن ضمن 'فانتازيا' الكاتب أنه أحضر المتنبي إلى رام الله ممتطياً صهوة حصانه، ليزور محمود درويش، حيث تحاورا في الشعر والسياسة والسلطة، واللافت في هذا الإصدار، أن الكاتب وثق بطريقة أدبية سلسة للإجتياحات التي تعرضت لها رام الله في انتفاضة الأقصى والاستقلال من خلال قصص قصيرة جداً تسلسل فيها الكاتب على شكل صور، لكنه استنبط من الأخبار العاجلة نصوصاً أدبية، وضمن الأخبار العاجلة نستشهد بالخبر العاجل التالي 'قبّل ميكرفون جبين صبية صحفية شابة، حينما شربت طناً من غاز مسيّل للدموع، وأصرت على زراعة شتلة بندورة في نهاية تقريرها بدل توقيعه باسمها'.
ولا بد لقارئ الكتاب، أن يتوقف عند الصور الأخرى التي عنونها الكاتب بـ'صور من رام الله 2010'، وأبرز فيها المتناقضات التي تعيشها المدينة، الترف والفقر، الحداثة والتقليدية، المدينة العصرية المطعمة بالريف.
أما قصة 'هو وثلج رام الله والمجنزرة'، فرغم أن الكاتب، كان قد كتب هذه القصة في 20/6/1992، عندما كان معتقلاً في معتقل الخليل في الانتفاضة الأولى، إلا انه أصر على تضمين هذه القصة في كتابه، لأنها تؤرخ لمرحلة من المراحل المهمة التي عاشتها المدينة في الانتفاضة الأولى.
متعة التنقل من قصة إلى أخرى، ومن موقف إلى آخر، ومن صورة إلى صورة، تجعل الكتاب مغرياً للقراءة والتمعن، ففي رصد وتوثيق واقع مدننا، تأكيد على هويتنا، وإصرارنا على التشبث بحياتنا والمضي من مرحلة إلى أخرى، نبني ونعمر، رغم محاولات الهدم الاحتلالية التي تتربص بكل ما نبني ونشيّد.
يذكر أن الكاتب د.عبد الله، من المهتمين بتأريخ تجربة المعتقلين الفلسطينيين الثقافية والفكرية والإبداعية والصحفية والاجتماعية، حيث أصدر سبع دراسات حول هذه التجربة، التي خبرها عن قرب، لأنه عاشها خلف القضبان وتلظى على جمرها أكثر من ثماني سنوات في الانتفاضة الأولى وما قبلها.