لا ضير في المرء أن يتقدم للمساءلة والتحقيق طالما كان أو
ما زال قيما على شأن عام. بل بالعكس تماما الضير كله في أن يرى الواحد من
ذوي المسؤوليات العامة ضيرا في خضوعه للمسائلة. بهذا المعنى استشعر الأهل
في غزة المعنى الذي أرد الأخ محمد دحلان أن يجسده بقبوله المثول أمام لجنة
تحقيق تم تشكيلها بناءا على رغبة الرئيس محمود عباس. وبقدر ما يكبروا في
الرجل شجاعته وصراحته في التعاطي مع لجنة التحقق، بقدر لا أنهم يبدون ما
يبدون من دهشة إزاء اللغط حول طبيعة القضايا التي انعقدت لأجله اللجنة.
فهل هي حقيقة قضية مساس السيد دحلان بأبناء الرئيس في جلسة
خاصة جمعته مع بعض الوشاة؟ ألهذا الحد يعظم الشأن الخاص على شأن الوطن. هل
خلي الوطن من القضايا التي تستدعي تحقيقا مع دحلان أو غير دحلان بشأنها؟وما
معنى أن القول الرسمي ما زال مصرا على إثارة قضية المساس بسمعة أبناء
الرئيس، في الوقت الذي تجتهد أطراف قريبة من الرئيس عباس على تضخيم الأمر
حد الحديث عن مؤامرة للإنقلاب على السلطة في الضفة الغربية؟وبصورة أكثر
غموضا تذهب أصوات إلى الحديث عن ملف مصادر ثراء الرجل؟
أسئلة تنقل الواحد منا إلى تلك السنوات الخوالي يوم أن
ساند السيد محمد دحلان السيد محمود عباس يوم أن شكل حكومته الأولى في العام
2003. تلك الأيام التي ذهب فيها نفر من المتنفذين في حركة فتح، وفي لجنتها
المركزية السابقة بالذات، في حرب قذرة استهدفت النيل من شخص السيد محمد
دحلان في المقام الأول لأسباب يدركها الشعب الفلسطيني عموما وكوادر حركة
فتح على وجه الخصوص، حين رأوا أن هذا الدحلان يمس في أغلى ما يستحوذون،
الموازنات.
هذه الحرب التي قامت على بث الإشاعات وفبركة ملفات دعائية
ظالمة للإساءة للرجل في شخصه ونظافة يده وطهره الوطني.هذه الحرب الدعائية
التي ما زال إعلام حماس الأسود يستخدم موادها ضد الرجل، وكأن ثمة تواطؤ
مبيت بين شيوخ المكاتب وسدنة الموازنات في حركة فتح الذين تجاوزهم التاريخ
وألقي بهم في المكان الذين يستحقون، ومجرمي حماس الذين ليس لديهم ما
يفعلونه للشعب الفلسطيني سوى بث الشائعات وتسوييد صفحات قادته الشرفاء، من
ياسر عرفات ابتداءا، ومرورا بدحلان وعباس، وانتهاءا بأصغر شبل وطني في طول
فلسطين وعرضها.
هل ما يحدث الآن هو إعادة انتاج لحملات التشويه الفاشلة ضد
قائد فتحاوي قبل بكل شجاعة الخضوع للجنة تحقيق، يبدي الفلسطينيون امتعاضهم،
بل قرفهم، من عنوانها الأول، المساس بسمعة أبناء الرئيس، وعنوانها الثاني،
التآمر للإنقلاب على السلطة الفلسطينية، وعنوانها الثالث، التحقيق في
مصادر الثراء.ألم يعلم هؤلاء كم من المقرف إعادة إحياء ذات الإسطوانة التي
كان سدنة الموازنات وأشياعهم من مشايخ حماس الآثمين بدأوها ذات يوم ضد
الرجل، ذات الاسطوانة التي استخدمتها حماس لتسويغ حربها الظالمة على
الوطنية الفلسطينية والحاق الانقسام بالوجود الفلسطيني الذي تتشدقون بالقول
أنكم تسعون لإنهاءه؟
ألهذا الحد تهزأون بذاكرة الشعب الفلسطيني؟
ألهذا الحد تستهينون بوعي الوطنيين الفلسطينيين؟
ألهذا الحد تتجاهلون العقل الفلسطيني؟
ألهذا الحد لا تكترثون بما يحسه الأهل في غزة عندما يرونكم تكررون ذات الأكاذيب التي يتنطع بها قادة الإنقلاب في غزة؟
هل بات بينكم من يبرر الإنقلاب الذي اقترفته وتقترفه حماس
كل لحظة منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات؟.وهل بات بينكم من يرى في انقلاب
فوائد؟
فوائد،،، إضعاف لدحلان، وما يمثله من طموح سياسي في حركة
فتح نحو الدولة وتحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني الذي يعاني
الاحتلال وفسادكم وسوء نظركم نحوه وتشايعكم مع حماس الإثم والعدوان على
حساب الشعب وأحلامه بالاستقلال؟
ألا تعلمون أن الناس في غزة المكلومة لا يجدون فيما تكيدون
لدحلان إبن غزة إلا تفسيرا لما أوقعتم غزة فيه من انقلاب الحال؟، وأنكم
اليوم تستكملون ما اقترفت أيدي حماس الإثم بحقهم، ولن يكون لكم من أهل غزة
إلا ما تستحقون من...... .